كيف تفهمين احتياجات طفلك...... ؟
لطفل يلعب بجسده كما يلعب بخياله وفكره .. يمرح هنا وهناك يكتشف لكي ينمى مواهبه .. يفرح لكي تتفتح مشاعره وأحاسيسه ولكي تنضج عواطفه والطفل يتحرك لكي قوى عضلاته وتتوافق العضلات مع الاعصاب وأعضاء الإدراك ولكي تتوازن كل هذه الأعضاء في نسق واحد يستطيع من خلالها أن يتفاعل الطفل مع البيئة التي يعيش فيها سواء كانت البيئة الاجتماعية أو المادية المتمثلة في الاشياء من حوله .
يقول الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي أن الطفل ينطق الحروف التي تبدأ بأبسطها وأهمها في الحفاظ على كيانة وجسمه والتي تضمن حمايته وهي م.م ثم ماما ثم ب.ب ثم بابا وهذا يميز اهتمامه بطعامه واشباع بطنه واهتمامه بالحماية والحنان من أهم المصادر وهي الأم ويليها الأب .
والطفل يفرح ويضحك ويمرح في سعادة غامرة لمشاهدة أو سماع صوت امه ويميزها بين اخواته وأبيه لأنها هي أول من يلبي احتياجاته الأساسية والأولية من حب وطعام وحماية .
وهي اول من يقع نظر الطفل عليها واول من يشعر بلمسات يديها واول من تحتضنه بين جنباتها وبين ذراعيها فتمده بجرعات من الحب وتضمن له الحماية والأمان فتولد عنده ثقة كبيرة في هذا العالم العريض الواسع والجديد عليه بعد أن خرج إليه من بطن أمه وبعد أن كان عالم الصغير هو الرحم داخل بطن الأم والطفل يستغرق فى نوم عميق كلما شعر بأنفاس أمه تدفئه وتحيط به بينما تنتابه نوبات من القلق والخوف إذا أبتعدت عنه لأى سبب وهو دائم البحث عن مصدر الحنان الأول والأكبر فيزداد بكاؤه ويفقد شهيته عن الطعام وقد يصاب بنوبات متكررة فى الإسهال أو القئ أو آلام البطن أوضيق التنفس .
وكلما ابتعدت الأم عنه ازدادت شدة هذه الأعراض التي تنم عن حالة نفسية سيئة ودليل على الأكتئاب النفس والرفض والصد عن كل شئ وكأنه يعلن أن الحياة تتوقف عن هذا الحد وأنه لا يعنى لوجوده بدون أمه ولا طعم لاى شئ فى غيابها.
والطفل يستشعر الجمال ويبحث عن الهدوء وراحةالبال وتستقر نفسيته وترتاح أعصابه مع جمال الطبيعة وصفاء الجو فهو يحتاج إلى الخضرة والمياه والشمس والهواء الطلق مثلما يحتاج الكبير وهو يتذوق الجمال ويتعايش معه ويتشكل به وكلما توافر له هذا المناخ كان أكثر سعادة واستطاع أن يلعب ويأكل ويفرح وينمو بصورة طبيعية وعلى العكس فهو دائم الحزن والتوتر مع الضوضاء ودائم القلق والخوف مع تلوث الجو وفساد الهواء .
ويضيف الدكتور يسري عبد المحسن إن الطفل يتألم مع معاناة الأم ومع مشاكل الأب ومع خلافاتهما ومشاكلهما العائلية وبفزع إذا سمع أو شاهد مشاجرة بينهما وتنتابه حالة من عدم الاطمئنان على نفسه وعلى وجوده بينهما ولكنه يعلن عن ذلك أما بالرفض لكل شئ أو بالعدوان والتدمير أو بالهياج والثورة أو بالتقوقع والأنزواء أو بالكأبة والبكاء .
والطفل يريد مساحة من حرية الحركة والتعبير فلا يجوز أن يتم حبسه وقيد حريته بدعوى النظام والآدب ولكن يجوز أن نوفر له مكاناً وأدوات يتحرك ويلعب ويحاول ويجرب ويخطئ وينجح مرات ومرات لكى تساعده على النمو واكتساب المهارات والخبرة ويجوز أن نشاركه ألعابه ونشجعه وننصحه ونوجهه ونصحح أخطاءه حتى يستطيع أن يعتمد على نفسه بعد ذلك وهو يحتاج إلى أن يفك أو يركب اللعب بنفسه إن يمد يده ويمسك ويجرب ويحاول بالاكتشاف والتمرين المستمر .
والطفل يحتاج للحديث معه والاستماع له والاهتمام بما يقول ولا يجوز تجاهله أو الاستهتار بما يقول والطفل يحتاج إلى من يكون صادقاً معه ومن يصارحه القول والفعل وأن يتعود الصراحة مع نفسه ومع من حوله حتى يكبر على المواجهة والشجاعة في الحديث أن احتياجات الطفل كثيرة وفهم هذه الاحتياجات يحتاج إلى وعى وإدراك جيد من الوالدين والأسرة والمجتمع والاهتمام بهذه الاحتياجات ضرورة حتمية لكي يتكون جيل من الأطفال الاصحاء نفسياً وبدنياً واجتماعياً .
فالطفل هو رجل المستقبل وهي أم الغد ومن كل هؤلاء يتكون المجتمع الذي نسعى إلى تحقيقه .